فصل: الفرق بين القصاص والحدود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.أقسام الحدود:

تنقسم الحدود في الإسلام إلى ستة أقسام هي:
حد الزنا.. حد القذف.. حد الخمر.. حد السرقة.. حد قطاع الطريق.. حد البغاة.
ولكل جريمة من هذه الجرائم عقوبة مقدرة شرعاً.

.حكمة مشروعية الحدود:

أمر الله عز وجل بعبادته وطاعته، وفِعْل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، وحد حدوداً لمصالح عباده، ووعد من أطاعه السعادة في الدنيا، والجنة في الآخرة.
وتوعد من عصاه بالشقاء في الدنيا، والنار في الآخرة.
فمن قارف الذنب فقد فتح الله له باب التوبة والاستغفار، فإن أصر على معصية الله، وأبى إلا أن يغشى حماه، ويتجاوز حدوده بالتعدي على أعراض الناس وأموالهم وأنفسهم، فهذا لابد من كبح جماحه بإقامة حدود الله التي تردعه وتردع غيره، وتحفظ الأمة من الشر والفساد في الأرض.
والحدود كلها رحمة من الله، ونعمة على الجميع.
فهي للمحدود طهرة من إثم المعصية، وكفارة عن عقابها الأخروي، وهي له ولغيره رادعة عن الوقوع في المعاصي، وهي ضمان وأمان للأمة على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وبإقامتها يصلح الكون، ويسود الأمن والعدل، وتحصل الطمأنينة.
1- قال الله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى [123] وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [124] قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا [125] قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [126] وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [127]} [طه: 123- 127].
2- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النّسَاءِ: أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِالله شَيْئاً، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضاً. «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدّاً فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى الله، إنْ شَاءَ عَذّبَهُ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». متفق عليه.

.أنواع حدود الله:

حدود الله تعالى ثلاثة أنواع:
الأول: حدود الله التي نهى عن تعديها.
وهي كل ما أذن الله تعالى بفعله على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، والاعتداء فيها يكون بتجاوزها ومخالفتها، وهي التي أشار الله إليها بقوله سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [229]} [البقرة: 229].
الثاني: المحارم التي نهى الله عنها وهي المحرمات التي نهى الله عن فعلها كالزنا وهي التي أشار الله إليه بقوله سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [187]} [البقرة: 187].
الثالث: الحدود المقدرة الرادعة عن محارم الله كعقوبة الرجم والجلد والقطع ونحوها.
فهذه يجب الوقوف عندما قدر فيها بلا زيادة ولا نقصان، وهي المقصودة هنا.

.الفرق بين القصاص والحدود:

1- جرائم القصاص الحق فيها لأولياء القتيل، أو المجني عليه إن كان حياً.. وذلك من حيث استيفاء القصاص، والحاكم منفذ لطلبهم.
أما الحدود فأمرها إلى الحاكم، فلا يجوز إسقاطها بعد أن تصل إليه.
2- جرائم القصاص قد يُعفى عنها إلى بدل كالدية، أو يعفى عنها بلا مقابل؛ لأنها حق آدمي.
أما الحدود فلا يجوز العفو عنها، ولا الشفاعة فيها مطلقاً، بعوض أو بدون عوض؛ لأنها حق لله تعالى.

.الفرق بين الحدود والتعازير:

1- عقوبات جرائم القصاص والحدود مقدرة ابتداء في الشرع.
أما عقوبات التعزير فيقدرها القاضي بما يحقق المصلحة حسب حجم الجريمة ونوعها.
2- يجب على الإمام تنفيذ الحدود، والقصاص إذا لم يكن عفو من ولي الدم.
أما التعزير فإن كان حقاً لله تعالى وجب تنفيذه، ويجوز العفو والشفاعة إن رُئي في ذلك مصلحة، وإن كان حقاً للأفراد فلصاحب الحق أن يتركه بعفو أو غيره.
3- عقوبة القصاص والحدود محددة معينة، أما التعزير فيختلف بحسب اختلاف الجريمة، واختلاف الجاني والمجني عليه.

.أهداف العقوبة في الإسلام:

العقوبات على الجرائم في الإسلام شرعت لتحقق ما يلي:
1- زجر الناس وردعهم عن اقتراف الجرائم الموجبة لها.
2- صيانة المجتمع من الفساد، ومنع وقوع الجريمة أو تكرارها.
3- زجر المتهم عن الوقوع في الجريمة مرة أخرى.
4- إصلاح الجاني وتهذيبه لا تعذيبه.
5- قطع دابر الجريمة، وعدم إشاعة الفاحشة.
6- منع عادة الأخذ بالثأر التي تُوسِّع رقعة انتشار الجريمة.
7- إطفاء نار الحقد والغيظ المضطرمة لدى المعتدى عليه أو أقاربه.
8- حصول الأمن وتحقيق العدل في شعب الحياة كلها.
1- قال الله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [179]} [البقرة: 179].
2- وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [15] يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [16]} [المائدة: 15- 16].

.مبادئ العقاب في الإسلام:

اشتملت الشريعة الإسلامية على أحسن المبادئ والعقوبات التي تكفل سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وهي:
رحمة الجاني والمجتمع الذي يعيش فيه.. والعدل بين الناس حتى لا تضطرب الأمور.. وحماية الكرامة الإنسانية.. ورعاية المصالح العامة والخاصة حفظاً للأمن.. والمساواة بين الجريمة والعقوبة.. ولا يعاقب أحد بجرم لم يصدر منه.. وعدم الحرص على إيقاع العقوبة؛ ليتمكن المخطئ من إصلاح عيوب نفسه.. والستر على المخطئ غير المجاهر ونصحه.. وتجوز الشفاعة في الحدود قبل بلوغها الحاكم، وتحرم الشفاعة وقبولها بعد بلوغها الحاكم.. ولا تُوْقع عقوبة إلا بعد انتفاء الشبهات.. ولصاحب الحق الخاص كالقصاص العفو عن القاتل أو المخطئ.. والعفو يكون بالاختيار والرضا لا بالإكراه.
1- قال الله تعالى: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [54]} [الأنعام: 54].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [90]} [النحل: 90].
3- وقال الله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [40]} [الشوى: 40].

.حفظ الضرورات الخمس:

مقاصد الإسلام الكبرى محصورة في خمسة أمور هي:
حفظ الدين.. وحفظ النفوس.. وحفظ النسل.. وحفظ المال.. وحفظ العقل.
فإذا حفظت الأمة هذه الأصول سعدت في الدنيا والآخرة، وإذا ضيعت هذه الأصول شقيت في الدنيا والآخرة.
وبإقامة الحدود والقصاص يتم حفظ هذه الضرورات وحمايتها، فبالقصاص تصان الأنفس.. وبإقامة حد الزنا والقذف تصان الأعراض.. وبإقامة حد السرقة تصان الأموال.. وبإقامة حد الخمر تصان العقول.. وبإقامة حد الحرابة يصان الأمن.
وبإقامة الحدود كلها يصان الدين كله، والحياة كلها.

.كيفية حفظ الضرورات الخمس:

حفظ الضرورات الخمس هي مقومات بقاء وسعادة الأمم وهي:
1- حفظ الدين: فالدين عماد صلاح أمر الدنيا والآخرة.
والدين مبني على أمرين:
فعل الأوامر.. واجتناب المناهي.
2- حفظ النفوس: وحفظ النفس أمر مقصود لذاته؛ لأن الله خلق الإنسان لعبادته سبحانه، فيجب المحافظة على هذه النفس التي تعبد الله، وتقوم بالخلافة في الأرض.
3- حفظ النسل: وحفظ النسل من أعظم أسباب البقاء، ومن أسباب عمارة الأرض.
وحفظ النسل يتم بأمرين:
الأول: وجودي: وذلك بالترغيب بما يحصل به استمرار النسل وبقاؤه، وهو النكاح الشرعي.
الثاني: عدمي: وذلك بتحريم الزنا والمعاقبة عليه، وتحريم مقدماته من النظر والخلوة، وتحريم القذف بالزنا أو فاحشة اللواط، والمعاقبة على ذلك، وتحريم السفور والتبرج، وعدم سفر المرأة بلا محرم، وعدم اختلاطها بالرجال الأجانب، والأمر للرجال والنساء بغض البصر صيانة للعرض.
4- حفظ العقل: العقل من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، فلولا العقل لصار الإنسان كالبهيمة.
والعقل مناط التكليف؛ لأن الإنسان يميز به بين المصالح والمفاسد، لذلك كله حرم الله كل ما يفسد العقل أو يضره.
ومفسدات العقل نوعان:
الأول: مفسدات حسية: كالخمور والمخدرات التي هي مفتاح كل شر وبلاء.
الثاني: مفسدات معنوية: كالأفكار والتصورات والمبادئ الفاسدة التي تجر الإنسان إلى المعاصي والردة والكفر.
5- حفظ المال: المال من الضروريات التي لا تتم مصالح الناس إلا بها، فقد جعله الله سبباً لحصول المنافع للعباد.
وحفظ المال في الإسلام بأمرين:
الأول: وجودي: وذلك بالحث على الكسب الحلال، والإنفاق في الوجه الحلال.
الثاني: عدمي: وذلك بتحريم الاعتداء على المال أو إضاعته، ومعاقبة سارقه، وتحريم الغش والظلم والخيانة في كل معاملة.
1- قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
2- وقال الله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ [104]} [الأنعام: 104].

.فقه اجتناب المحرمات:

الكف عن المحرمات، واجتناب قربها، ينشأ من أمور هي:
علم العبد بأن الله يراه.. وأنه يعلم نيته وأفعاله.. وعلم العبد بقبح المحرمات.. وأن الله حرمها صيانة للعبد من الرذائل.. والعلم بعقوبتها القاسية.
ومنها الحياء ممن تتقلب في نعمه.. والخوف من العزيز الجبار الذي لا يعجزه شيء.
ومنها محبة الله، فالمحب يصبِّر نفسه على مراد محبوبه ونحو ذلك مما يحمل العاقل على تركها ولو لم يَرِد على فعلها وعيد.

.فضل الستر على النفس والغير:

يستحب لمن أتى ذنباً، أو اقترف إثماً، أن يستر نفسه، ويتوب إلى الله.
ويستحب لمن علم به أن يستر عليه ما لم يعلن بفجوره، حتى لا تشيع الفاحشة في الأمة، وعليه أن ينصحه ويرغبه في التوبة.
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عَمِلتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ الله عَنْهُ». متفق عليه.
2- وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». أخرجه مسلم.

.حكم التثبت في الأمور:

يجب على الإنسان أن يحسن الظن، ولا يصدق بكل ما يسمع حتى يثبت؛ لئلا يضر نفسه، ويضر غيره، ويتعرض لسخط الله.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [6]} [الحجرات: 6].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}... [الحجرات: 12].

.ما يفعله المسلم عند سماع الشائعات:

يجب على المسلم أن يحسن الظن بإخوانه المسلمين، ويستر زلاتهم، ويقيل عثراتهم، فإذا رُميت أمامه عفيفة بالزنا، أو أمين بالسرقة، أو تقي بفجور، أو عالم بمسبة، أو عادل بمظلمة، ونحو ذلك من قالة السوء.
فإذا سمع بذلك أحسن الظن بإخوانه وستر عليهم.
1- قال الله تعالى: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [12]} [النور: 12].
2- وقال الله تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ [16]} [النور: 16].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [19]} [النور: 19].

.حكم من آوى محدثاً:

من آوى قاتلاً أو سارقاً أو محارباً أو غيرهم ممن وجب عليه حد أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومَنَعه أن يستوفى منه الواجب، فهو شريكه في الجرم والإثم، وقد لعنه الله ور سوله، وللإمام عقوبته بما يردعه.
أما لو كان الإنسان أو المال مطلوباً بباطل فإنه لا يجوز الإعلام به.
بل يجب الدفاع عنه، ونصره على من ظلمه.
1- عَنْ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ الله، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَىَ مُحْدِثاً، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيّرَ مَنَارَ الأَرْضِ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «انْصُرْ أخَاكَ ظَالِمًا أوْ مَظْلُومًا». فقال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله، أنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أفَرَأيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قال: «تَحْجُزُهُ، أوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ». أخرجه البخاري.

.حكم لعن الإنسان:

لا يجوز للمسلم لعن أحد بعينه، مسلماً كان أو كافراً أو دابة، إلا من علمنا بنص شرعي أنه مات على الكفر، كفرعون، أو يموت عليه كإبليس.
أما اللعن بالوصف فجائز، كلعن آكل الربا، والمصورين، والظالمين، والكافرين ونحو ذلك.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَنْبَغِي لِصِدِّيقٍ أَنْ يَكُونَ لَعَّاناً». أخرجه مسلم.

.حكم التحايل على حدود الله:

يحرم التحايل على حدود الله كما يحرم انتهاك حدود الله، والتحايل أعظم، فإن بني إسرائيل لما فعلوا الحرام لم يقع عليهم المسخ، وإنما العقوبات الحسية والمعنوية، كما قال سبحانه: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا [160]} [النساء: 160].
ولما وقع منهم التحايل على صيد السمك يوم السبت مسخهم الجبار جل جلاله قردة وخنازير، كما قال سبحانه في عقوبة احتيالهم على ما حرم الله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [166]} [الأعراف: 166].

.حكم إقامة الحدود:

يجب إقامة الحد إذا ثبت على من اقترفه؛ صيانة للأمن، ودفعاً للفساد، وحماية للحقوق، وزجراً للمجرمين.
1- قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [38]} [المائدة: 38].
2- وقال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2]} [النور: 2].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [33]} [المائدة: 33].

.شروط من يقام عليه الحد:

يقام الحد إذا ثبت على كل بالغ، عاقل، متعمد، ذاكر، عالم بالتحريم، ملتزم لأحكام الإسلام، من مسلم وذمي.
1- عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ، عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أحمد وأبو داود.
2- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}، قال: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُل قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا، سَمِعْنَا وَأطَعْنَا وَسَلَّمْنَا». قال، فَألقَى اللهُ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} «قال: قَدْ فَعَلتُ» {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} «قال: قَدْ فَعَلتُ» {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} «قال: قَدْ فَعَلتُ». أخرجه مسلم.